أنا والأسوار..

 ما هكذا ينبغي أن تسير الأمور . .

 إن هذا يجب أن يُوقفْ . !

 

 الفارس

 **

 في أعماق بحيرة الدم كنت تخلع’ ملابسك وتحترقْ . .

حينما أبصرت السماء ذلك أمطرت أطفالها المحترقين

وفي غابة حب مشتعلة الأغصان كنتُ

عارية الصدر انتظر قمراً لم تطأه قدمٌ  أميركية

وفي ليلة بهيمية شاتيةْ . .                                                 

من جذور الشجر الراسخ كنت تطلعْ

تطفئ اشتعال الغصون بالدم , السلام  , النقاءْ . .

وكان قلبي لغماً راسخاً في صميم الترابْ . .

فلما أحس اشتعال الأرض تفجر عناقيد تفاح بين                                    

أيدي المقاتلين . . .

 

*  *  *

 

أيها الرجل الجنة . . .

غابة الزقوم تشتعل خلف الحدودْ

وجدولٌ مستلقي الأطراف أنتْ . . .

أتضرع إليك بثمري المبتور أن تطفئ اشتعال الغابةْ ..

في المدينة المنتظرة تتأرجح  الفوانيسْ 

ووراء الفوانيس عيونٌ فارغة اللون تنتظر أن تعيد لها

مفاتيح السورْ . . .

                                                                                                   

* * *

أيها الجميل المطاردْ .

تعالَ . . . لا تجئ ْ. .

أيها الجميل  المضطهدْ

تعال . . . لا تجئ . .

فهولاء المتلفعون  بشعارات  الغدْ …

يلقونك  في أعماق  الجب باسم الحبْ . .

يذبحونك في مجازر الرجال باسم الحب . .

الحب صار خفيفا سهل الاجتراحْ

ومن يومها صار الرجال يعقدون معاهدات جمة ْ

وصارت عيناي تتفتق عن جمر يشعل خرائب  المستضعفينْْ

واعتادت وجنتاي التعامل مع  الجمرْ . .

 

*

ومعك أيها  الفارس كنت أحلم كلّ ليل بطفلة نارية ِ 

العينين أسميها علياء . . .

فلما قيدوك بشعرها الحرير اختنق الحلم وسقطتْ

علياءُ مرة  أخرى . .

أيها الرجل الفارسْ

تعال نعدْ علياء إلى ذرى الحلم ْ ،

تعال نعد لها في تشرين الجديد زهرة وشراعاً ودُمى . .

أيها الرجل الحلمْ . .

تعال . . . نعبرْ مرة أخرى . . .

 

 

 

أنا والأسوار

**

الرجال يحكمون العالمْ ..

فليس لامرأة مثلي أن تتكلمْ ..

*

نامي .. أو لا تنامي ..

لن تضري حزيران بشيءْ .

*

قالت أمي .. أقفلوا الأبواب فذلك أدعى للراحةْ ..

وقال أخي .. كسروا النوافذ فذلك

اجلب للحزنْ !

*

أقول للصمت : جميل أنتْ .

لأني لا املك خنجرا أمزقهْ ..

*

قال السلطان : لا تريقوا دمها فانا أخافهْ ..

بل اسجنوها حتى تجفْ ..

*

فليهطل .. ليهطل المطرْ ..

وليتهدم سقف بيتي ..

*

قالوا لي : إن ظهرك لا يحتمل ضربة غصن ..

ولذلك رجموني بالحجارة ..

*

اتصلت ليلة أمس بماياكوفسكي

قالوا لي : انه نائمْ ..

*

أقول للسماء : لم احضر يوم جاء محمدْ . .

ولذلك . . يجب أن ترسليه الآن ..

*

مسكينٌ هذا القمرْ

غمسنا في دمه شوك أغانينا

ولكنه لم يتأوه ..

*

إسرائيل تتجول في شوارع المدينةْ

أنا أتجول في شوارع المدينةْ

صدر بيان ينكر ذلك . .

لماذا يتدخل الآخرونْ . . !

*

من قال لكم . . ادعوا الإطفاء

يعجبني أن احترق هكذا . ! !

*

أوقفني في مفترق الدروب لصْ ..

قال : ارفعي يديك فالطرق مقفلة

قال صوت خفيّ  : تعلمي أن تقولي كلمة كرصاصة

تلفتّ فلم أجد أحدا ..

حينها فقط .. رفعت يدي

*

عندما اكتب عن عينيك أحس العالم يتسع في قلبي ..

يفتح فيه نوافذ كبيرة ،

وعندما أغمض أحسك تبتعدْ

وأحس العالم قطرة دم غائرة في قعر قلبي ..

*

بالأمس كتبت كلمات إلى الألمْ

لم استلم الجواب بعدْ ..

*

والدي أحبّ بجنون أمي ..

ولذلك تركها وتزوج امرأة قبيحةْ !

*

شجاعة كنت بالأمسْ ..

قال لي احد الرجال بأدب : إن القمر لن ينطفئ بعدْ ..

صرخت أشتمه أن كذاب أنت .. ومضيتْ .

قال الرجل فيما بعد .. إنه عذرني..

*

كتب حبيبي يقول .. أنت خائنةْ

قلت له مزق رسائلي ..

*

رجال مدينتي مساكينْ ..

يحملون أحذيتهم دون أن يشعروا ويسيرونْ …

دوائرهم عالية فخمةْ

ولكنهم بالرغم من ذلك يدخلونها حفاةً ..

مساكينْ .. !

*

رجل غبيّ طرقني بالأمسْ ..

استقبلتهْ ..

لكنه هرب بعد ذلك لأنه اكتشف أنني غبيةْ !

**

تقول لي رفيقتي ..

يوم خرج الفاتحون عبر الليل كنت معهمْ

لكنني تهت في الصحراءْ .. !

*

قفز من أمامنا غزال شارد

تذكر جدي قيسا ‘ وجدتي ليلى ..

وذكرت أمي الوفاء ..

ولم اذكر شيئا البتة .

*

الشعراء يموتون ملعونين ..

الشاعرة فتاةٌ تموت مخنوقةْ .

*

يوم صرتُ لفافة تبغ هربني رجل طويل في علبة دخانْ ..

ويوم احرقني دارت السقوف وداخ العالم ..

لكنني ظللت الواقفة الوحيدةْ ..

وحتى ألانْ .. !

*

الطاعون عندما اجتاح المدينة لم يستأذن والدي ..

ولذلك اجتاحهما الغضب !

*

صديقتي بحثت ألف عام عن شيء واحد يريحها

فلم تجدْ ..

صديقتي تتوسل إليّ أن اصحبها لترحلْ ..

لكنني أخاف الأسوارْ

صديقتي جفّ الحبّ في قلبها فلم تعد ترى السماءْ !

*

طالباتي يتساقطن في الظلمةْ

آه ِ كم أحبّ طالباتي .. !

*

صباح أمس ألقيتُ قصيدة عن القدسْ …

قصيدة  طويلةْ…

عصر أمس اعتلت طالبتي المكان وأعلنت عن كذبي

وزيفي ..

بعد أن نزلت رأى الجميع زهرة تشرق في موطئ قدميها ..

*

هددت السماء إن لم تمطر زهورا في بيتي

فلن أصليَ بعدْ .

*

السماء لا تمطر في مدينتي يا سيدي القارئ ..

ولذلك بقيت السطوح قذرة

ألا تمطر السماء في مدنكم أيها السادة ؟

السماء قبيحة في مدينتي

ولذلك ابكي باستمرارْ

ولذلك العن طالعي .. ! !

*

يوم قتلت دفنني والدي في مغاور الثعابين

لكنني تعلمت أن ابعث وابعث وابعث ..!

*

قال لي رجل عيناه بحيرتا فرحْ

أتريدين أن توقعي لائحة الوجود بالحضور .. ؟

ليس إلا أن تنزرعي بقلب الريح إذن !

*

أيتها الوردة الجبليةْ .

أجيءُ أم تأتينْ .. ؟

أيتها الشمس الجبلية

أجيءُ أم تأتين ؟

أيها الثلج الجبلي ..

أجيءُ أم تأتي ؟؟

*

جاءت امرأة تحمل وطنا ..

قال رجل شرب دجلة .. اسمح لك أن تحمليه ..

من يومها والوطن يخضوضر ويتنامى .

*

كتب حبيبي يقول ..

حينما تلغمين السور أكون قادرا على التفجير ..

قلت اجل فعلت ذلك .

قال صوت :

نذر أشلاؤكما للأسوار ..

ضحك وجه صامد في دمي ..

مد كفه عبر الجدار حبيبي

طلعت فرس من رحم الأرض ..

وامتدت الغرفة سهلا ضاحك العينين

لم أدرك كيف بدأ الطاغوت يتوارى

ومن يومها وأنا اسمع تفجّر الألغام ..

والبذور لاتنفك تنمو،

وتزحف بالثورة الحقول ..

 

 

العبور

**

من أحلك الجُدُر يبزغ وجهك في ظلم قلبي

أيها الصديق الذي لاينفكّ يعذبني فأحب به العذابْ . . .

عاشقة ٌ انأ مرة ,وميتة أخرى  . . .

وقريبٌ أنت . , بعيدْ ..

أيها الوجه الملاحقني فلا هو يملّ ولا أنا أسلو . .

ألوبُ أنا كطفل وجيعْ . .

وأنتظر عينيك تكسوان بالحب قلبي

عليلةٌ أنا . . . معافاة ْ.

وهاربةٌ دانيةْ …

في الشمال تسبقني إلى القمم فأراك في لجين

الماء رقيقا نقيا كالهْ .

وفي الجنوب يصحبني وجهك قمرا راقصا من

سعفات نخلة لأخرى

وفي الوسط إذْ تلتمع النجوم أكثرْ ،

أنتفض مجنونة اصرخ ْ .

ثم اسقط هامدة حينما أدرك أنْ ليستْ ذراعك المتدلية َ

من السماء لعناقي . . .

وبعيدا عن الوطن …

 تصحبني داخلا وخارجْ .

وطنا لا أملك إلا  الانتماء إليه . .

يا كل السموات الرائقة لا أملك أمام صفائها غير الدمعْ

وكل الحقول المتدلية بالثمر أنتْ . . .

حينما تغيم عيناك أنزرعُ في ارض عقيمْ…

وعندما تبسمان أزهر وأزهو . .

وهي في وصلك والهجر توجّدُ صوفية هائمة ..

ياوطني الأول والأخيرْ . .

رقيقةَ الجناح كنت . . .

لكنك علمتني الغوص في بحور الحلم فاستعذبت حتى الغرقْ

خالدٌ هو الشوق إليك . وميتُ فيك الصبرْ ،

يا كل النور المنبعث من كل الحقائقْ . .

اعشق وجهك الفضيّ أنا . .

أضمه إليّ . . وابكي

وكغيمة صيف تجيءُ وتذهب  

فأُبعث فيك وأفنى . .

* *

آه . . حينما علمتني الصبر قذفته ورائي

مهشما ومضيتْ …

ووجدت أنْ خيرُ مافي حبك الاحتراقْ .

أقول … لو مرة تجيءُ إليْ

لو تمسح بالحنان جراحي . .

في لحظات الوصال أحسني شمعا نقيا ذائبا في وهج العطاء

وفي الهجر ينزرع العلقم في غور قلبي . .

وأقولُ ..  متعبٌ هو الحلم ورائقةٌ هي الحقيقة ،

وبيني وبينك حقيقةٌ لا استطيع تخطيها . . .

هي أنني احبكْ . .

* *

في كهوف صمتي المغترب يغمرني وجهكْ . .

صافيا كبحيرة نجوم صيفيةْ . .

ضبابيا كليلِ وثنيّ غارق بالبخورْ . .

أيها الوطن الذي أحببتُ لعنته

مقفرةٌ هي السماءُ مجدبة الأرض ،

وعقيمة عيون الرجالْ . .

والغصون تسّاقط كأشلاء جنية محروقة الجناحين . .

وأظل انتظركْ . . .

في شفق جرحي الرائق كقوس قزح ربيعيْ . .

اطرق عليك أبواب  ليل بلادي الغارق بعبق

شذىً سحريّ بابا فبابْ . .

أرأيت ليلَ العراق . . أنتْ ؟ !

أرأيت أجنحة النخيل تنساب بالنسيم نشوى

كذراعي عروس عذراءْ . .

أرأيت متاحف الجان تتراقص غجريةً في لجين دجلة الهادية . .

أتحسّ روعة أن تسقط شهيدا في ليل العراق ؟

أعشت لذة هذا الفرح الشهي في قلبي وهو يضرب

أجنحته خارج الحدود ؟

أنا انتظرك …

واراك تطلعْ . .

في منابت الرصاص تطلع . . 

في جباه العائدين نحو شجر الفرح تطلعْ

في ضفائر الصبايا مضمخةً بندى العبير تطلع

في حقول الرياحين تنيم قلبي فوق وسائد

حزن ورديْ . .

ابحث خلالها عن وطن أرتديك فيه ولا أنزعكْ

وطن امتلكك فبه امتلكك .

أنا المصنوعة من كل خوف العصور . . أنا !

المجلودة بدهاليز شهريار القسر حيث الجريمة

والبراءة توأمانْ . .

مذعورة أغوص في رمال وجد أبديْ . .

يدفنني إذ أحاول دفنه

أتنقل بين فردوسه والجحيم . .

حيث لامطهّر بينهما . .

وأظل هناك سجينة اللذة والألمْ . .

غارقة بإثم فضيلة نشوى ..

أتقطّع فوق جسور الخلاص في اللحظة ألف مرة . .

وحيث لا خلاص !

أيتها الأرواح التي تعلن وجودها بين جنبيْ .

أيتها القلوب التي تضطرم في قلبي . .

أيتها الأجنحة التي ترفعني الى العلى . .

أيتها الأيادي البيضاء التي تؤرجح كل مراجيح الصغار في روحي

ها أنا ذي لاهثة أجيء . .

اقذف ببركة الحب نفسي .

استسلمُ . . استسلمْ

وبعمق موجها أرسو .

على شواطئها الخضر أصلي . .

أنضم ّ لجوقة الشاكرين هناك . .

حيث أعلنت الآلهة آن ترفعني نجمةً في السماءْ . .

وحيث يرفل المحترقون  بالشوق في نعيم دائم .

وكلا في سماءْ . .

أيها المحترقون رفاقي . .

ها أنا أتطهر بجحيم الحنين للمرة الأخيرةْ

تناثر أشلائي الخالدة للمرة الأخيرة . . .

تعلن فناء الفناء في . .

تؤرجحني بين السماء والأرضْ

حيث أضمهما بعنف واسكرْ

تفتق ثمار الحياة في قلب أغنيتي

أغنية الإنسان المضيعْ . !

………

وحين يفتقدك الآخرون . .

وطويلاً يبحثون عنك

يجدونك مختبئاً في أعماق نبض حالم اسمه . . امرأة ْ

تضرب صدرها المذعور أمي

ويصفق والدي يداً بيد .

فهذه المرأة المتدفقةُ  شلالات ضوءْ

المتفتحة على جسد الليل كوى

الراسخة في قلب غابة الصنوبر

هذه الفتاة ابنتهما . !

وتفيض مياه الخليج , تفيضْ

تغطي مرتفعات الشمال والذرى

وتنضح عيون الجبال خمرة نقية لأسكرْ . .

وتتفتّق الجدران عن زنابق حمر

وتتحرك الدار العتيقة زاحفة بالسلاسلْ ..

تقذف حفنة ترب في عيني (هؤلاء . . )

وتمضي .. 

وأسألك . .

من يستطيع إيقاف زحف الدور هذه . .

من يستطيع إسكات الجذور المتأزمة في أعماق

هذه الجدر الصدئة ..

أسألك من يستطيع أن يمنع امرأةً في المخاض من

أن تلد .. ؟

أقولُ ..

أن أحبك يعني أن أكون ،

فحبك الثورة التي تحتلني كما الروح

… الغائمة فيّ كما الحلم

الضاحكة كعينبك

والمتفتحة كالزهرْ ..

**

أيها الزمن المستفيق بجرحي تمطَّ كما شاءت الثورةُ

الأم لن افزع –الليلَ- إن بان وجهك

في ضوء عينَّي أو صار للحزن أجنحةٌ ،

أو تناءت سقوف المنازل أو غازلتني

النوافذ في سَحَرِ مثقل بالندى والخواطر ِ

يا زهو ما ضمنته القلوبُ

ويا …. عزت الكلمات .. !

……….

أيها الربيع الخريف ..

أيها الشتاء الدافئ المنسابة فيه أغنيتي ..

أيها الصيف المورد العينين

يا كل الفصول أنت ..

أهزّ شجرة الحياة فتسقط عيناك ..

أهزّ شجرة الأيام فيظلني حبك ..

افتح نوافذ الزمن فيطلع وجهك ..

افتح ذيلي للنجوم فيملؤني وجودك ..

أيها المنفيّ فيّ ـ المنزرع في قلبي .

أيها الشمسُ المطرْ

الموت الحياة

أيها المنساب في أغنية الأبدية

ندية لاتنفكّ فوق شفاهكْ ..

طروبة تتسلق عرائش قامتكْ

عاشقة تلثم أزهار الرفض عبر أسواركْ ..

تلملم قطع المحار التنثرها عيناك في أرجاءٍ هذا العالمْ ..

لتخبئها في طيات ثوبي

وأنا لا انفك اشرع للريح ثوبي

كي أعيد زرعك من جديد

ولكن في حدود المحبةْ ..

أيها الوطن المحبة 

أيها الوطن الدم ..

أيها الوطن الشهيد

ها أنا صامدة في أعماق الريح اقتلع جذر السور

عاتيا ينغرس في أعماق قلبك وقلبي

ها أنا أهزه عبر ليل مسخ

تغزوه البوم والغربان

يساقط فوق راسي حجارة  شوهاءَ

يركلها قمر مهجورْ ..

ها أنا يدفنني صقيع العالم ..

تغتالني الريح ْ..

ها أنا أتشرد اغترب أعرى

لكنني أبدا غنية بك ..

أيها الفرح الصارخ في كل نبضة وجع

يعلن وجوده العاشق في كل ومضة شعر .

أتجدد به يتجدد بي نطير

وعبر الأسوار يصير كل اثنين واحدا ..

ويذبل الصبار ! !

 

 

الاعتراف

**

 

أتأرجح في بحور عينيك من خليج لآخرْ

أنا الراكبة في قطارات ضياعك الأبديْ ..

الراسية في كل المدن الغريقة العينينْ .

أيها الفرح الذي ما طلعت أزهاره بعدْ .

أيها الوجع القديم .. القديمْ

قطعة جليد يذوب قلبي بين يدي شوق فادحْ…

وضياء عينيك يلتف ثعبانا فوق جيد كل حلم لي شنقتهُ ،

أو هو ينتظرْ …

أعض القلم … حتى الكسرْ

واضرب على الورق بكل الحجارة الرجيمة تقاذفها مقل قلبي …

وتنهار جسورُ بغداد .. تنهارْ ..

وتسقط ليلى المهجورة في بوادي الجزيرة ْ

جثة عار تدوسها أقدام المهدي والمجنونْ …

أيّ عويل هذا الذي تعولهُ بغدادُ في غور روحي ..

أحسّ صراخ الأطفال يشارك وجع الحقيقةْ

تسقط ذبيحة في ليل قلبي ..

صامدةً تسقط دونما أنّة حزنْ

وككل مرة أضمها الليلَ .. ابكي ..

حزناً وفرحاً .. ابكي ..

يأساً وأملا .. ابكي

أنا الغازلة شوقك في كل خيط حاكه الشعر .

خالدة خلود ميلادك المتفجر فيَّ ضفائر أمل ..

أنا المشرعة أغصان حزني بك لسماء الحقيقة ..

أخضل بنانها بدم كل شهيدة سقطت وتسقط جيلاً فجيل ..

أنا الهاربة منك . لكن إليك ..

أنا الوفية .. الخائنة ..

الشهيدة .. اللعينة

الشجاعة  , الخائفة

وأنت الوفي … الوفي . !

من وجع العصور جئتك تساقط عناقيد دمع في جراح قلبي ..

من وجع كل الجدر والزوايا .. أتزين لها

احلم بعينك تطلعان في حلك ذلك العالم .. المواتْ ..

أتكحل اعبر بك أسوار الحزن تقف رماح حقدٍ

في رياض مدائني المنسيةْ ..

أتصورك طالعا وراء كل غصنْ

متخفيا بين الشجرْ…

انتظر أن تخفيَ بكفيك وجهي لأتحسس أصابعكَ

والهث صارخة باسمكْ ..

افتح النافذة في الليل ألف مرة .. اقفلها .

أتحسسُ وجودك في كل شيءْ ..

فأراك .. ولا أراك . ! ! 

أغوص في خضم عالم مستفهم غريبْ ..

أحاول أن اكتشف ماهية هذا الشيء الذي يفصلني عنك ..

احلم بفجر ناري يدمغ هذا الليل ليحملك إليْ ..

وأظل احلم بك ..

أنام بالحلم . استيقظ به ألوب . ابكي ..

أتعلق بك في زحامات سفن اسطنبول

في فراغ مساجدها ..

أضمّ معك طيورها الغافية في الأفياءْ ..

أجوب بك بيروت العابثة بوجنة البحر ..

أعانقك فارسا طالعا من أعماق جرح النيل وهو يغسل

وجه القاهرة المحاصرْ …

أطير في سماوات بغداد انصهر بجحيم شمسها الأبدي ..

اسكن نجومها والقمرْ ..

أحلمُ .. احلمْ ..  

ثم أغوصُ في النهاية بقاع وحول الحقيقةْ ..

ملطخة بدم الأمل والحزن والفرحْ ..

وأظل رغم ذلك أحيا ..

باليأس , والحزن , والفرحْ ..

* *

آه .. مريرٌ هذا العطب تحدثه أشواك قلبك

في رياض روحي ..

وكل عناقيد الفرح المتدلية من ذرى النخيل ِ

تتكور حزم حنظل في قعر قلبي .

**

من وراء المسافاتْ ..

ومن هذا الفراغ الهائل يحفر له أخاديد في غور روحي ..

أناديكَ .. لاتعدْ…

لا تجرّحْ عذابات غيابك المستكين بآمال عودتكْ ..

فالأمل المشنوق يعذبني ..

وشوارع المدينة المزدحمة بأطيافك ألتحمُ بكل زاوية من

زواياها بصدقْ

لتزرع عيناي الحلم في كل خطوة لا تريدك

أن تجيءْ ..

أقول لكْ ..

حضورك الدائم فيّ يعذبني

يجعلني أخطو فوق رؤوس الناس .. أعاكسهم

أحول أغبياءهم إلى دمىً اقذفها وسط النهر لتطفو ..

أعانق ثوارهم .. اقبل وجنة بنادقهم . وبصفاء ابتسم .

أقولُ لك …

كل النساء التعيسات ينتحبن في قلبي ..

كل جثث الأطفال مكدسةٌ في قعر بيتي ..

كل القصائد رمادٌ .. وأنت بعيد .

أقول لك . .

السور العشرون ينهار ليقوم سور آخرْ ..

وأنا للمرة العشرين اقول لك .. أخاف الأسوار ..

وأنت لاتبتسم ، لاتخطو ،

وإنما تظل ملتصقا بالجدارْ .. !

أيها الفرح النازف المجرّح عينيْ ..

تعال إلى هنا ..

خذ أطيافك من شوارع مدينتي ..

خذ أشياءكَ من فوق مناضدي ..

خذ أزهارك من أعماق روحي ..

أقول لك ..

كل الليالي تمر وأنا بانتظار أن أنام …

كل العمر يمر وأنا بانتظار أن أشفى ..

كل الورد ينحني .. بانتظار أن تسقيهْ ..

أقولُ لك ..

تعال لأسألك عما أريده ..

وصلك أم الهجر .. ؟

قربك أم البعد .. ؟

لأقول لك .. كلا ذلك يعذبني ..

وما أريدهُ شي كبيرٌ .. كبير كحبي ..

يوم غفوت حلمت أننا غصنان في ذرى

السدرة ْ..

وان الله يبارك بكفيه وجهينا

ومن يومها وأنا موقنة بالخلود معكْ . !

*

*

ما هذا الشيء العجيب الذي يرفعني إلى العلى ..

يدغدغ قلبي فترفّ روحي ..

يجرّحني .. فأكبو ،

ما هذا الذي يناثرني فوق النجوم إربأ ..

يبعثني مع الوصال طائرا طليق الجناحْ ..

ما الذي تريده عيناك الجارحتان من قلبي ؟

احمل أنا لك لوحة عيون الأطفال تزهر بأحلام عودتك . . ؟

وأجيئك بوجوه الطالبات زهرا يطرزن غلائل عرسي . .

اجر لك في قطارات الحزن بساتين اللوزِ

أحزّر كل غصن من أغصانها إن كنت تحبني أم لا ..

وارسم على الشواطئ وجهكْ ..

على الموج وجهك ..

آه لو تستطيع فيروز ألا تبكيني بهذه المرارة .

آه لو استطيع أن افعل كما فعلت فأرادّ لك مكاتيب

الألم بالهََدَى ..

اه من يرحمني من هذا القلب فيزرع لي قلبا اخر

قلبا فارغا من عينيك ومن حزني . .

فارغا من زحام حبك اعيشه العمر وحدي ..

… اه لو يستطيع العذاب ان يهجر وطني ..

اذن لاعتليت القمة واحتضنت العصافير ونمت

طويلا … هناك ..

آه لو يستطيع هؤلاء الشباب ألا يموتوا ..

في لبنان وفي القدسْ ،

في عينيّ وقلبي ..  ..

وعلى الشواطئ المبهورة بدجلة الغافية على

 ساعديْ   

المتزجة بالدمْ . .

*

*

أين أنت .. ؟

الوب بالسؤال .. أين أنتْ .. ؟

أتوجك بتيجان مملكتي وازرع في قلبك وردة حمراء ..

أين أنت .. ؟ أضمّ وجهك إلى قلبي ‘ وألوّنُ لك وجه القمرْ ..

.. يوم تجيءُ   سيصير للجدران أجنحةٌ وللأركان أيدي ..

وسينبعث حصى الأرض فراشات حمراء خضراءْ ..

طائرة بنشوة الفرحْ ..

مضيئة بوهج قدسي ينوّرُ قلبك وقلبي ..

آه .. حينما يصير كل شي غير موجودْ ..

ويصير وجهك سيد العالمْ ..

أصبح ملكة الأشياء أنا …

وتهوى العروش !!

*

*

أي وجع هذا الذي تضرمه أشياؤك فيْ

أمزق الورق أفتّتُ الحروف والأسطرْ

هاربة أغمضُ عينيْ

لكنني أعود لأقرأك في سفر روحي ..

أتصبرُ بالسنين تضمد شهورها عمري

فإذا بها شهراً فشهرْ .

تجلو وجهك في غور قلبي

وإذا بكل سنة توقظ ما نام من جراحْ ..

كل الجمال يذكرني بكْ ..

كل الفرح .. كل الحزنْ

كل رايات الثوار ِ

كل مسرة النصرْ

ويوم رفعت إلى الفردوسْ

ووجدتني وحيدة وسط النعيم بدونكْ

أنشبت بوجوه الملائكة أضافري

وتحت أقدام الشهداء تمرغتْ

حينها قذفوني إلى الأرضْ ..

وهنالك وجدتك واسترحتْ !

فحينما مددت لي يديك صرت الماء الزلال يشربه العطاشْ

وعندما أخذتني انسكبتُ شلال نور في أعين البائسين ..

ولما أعطيتني عنقود الأمل أزهرت مقابر المنتحرين

وصار الحب طفلا أداعبهْ  ..

طفلا تسقط عند قدميه مطارق الحزن وتنفتح نوافذ الوطنْ ..

طفلا تنساب في عينه شوارع المدن الغائبةْ

تتكسر في أعتابها خناجر الطواغيتْ …

أيها الوجه الغارب المحاصرني ..

ها أنا ذي أتشرّب النور وامنح المحبة ..

ها أنا أتفجر في أعماق أسطورتك رصاص فرح

تنمو به أجنحة أملي الممرغ بوحولِ ألف عام مضى ..

أيها الوطن الذي يمنحني اسمه ووجهه وروابيه أناديكَ :

سأجيء ..

فيوم هجرتك اختبأتُ في أعماق قنفذْ….

ومن يومها وخرْقٌ في صدريَ يتسعْ …

ويعجز عن الوصول الدعاءْ .. !

ويوم نسيتني نما الشوك في جسدي ..

وظل يتكور دمي ..

حتى انفجر بك أشجار فرح وراياتْ ..

يا وجه الله المستقر في قلبي

يا أصابع الضياء تتغلغل في ليل روحي

غريب هو وجهي الذي لا يحملك خالا في وجنتيه

وبائس قلبي المحتضنك جمرة اشتياقْ ..

واحبك ضائعا بلا قرارْ ..

أغتربُ لأزداد اقترابا منكْ ..

أذوب لانسكب شعرا يغني لحبكْ ..

يا راية كل أسفار العذاب أنت ..

يا مزن فيروز تكهرب قلبي الطائر بالأمل ..

اشربُ خمرة عينيكَ  ،

ارتوي بها .. أغفو..

هاكَ قلبي شمعة خلودْ ..

وعينيّ حقلي زهرْ ..

ووجهي خيمة اغترابْ …

* * *

خذني إليك خذني

تزفني مواكب الحور يغنين ألم قلبي

وينثرن لعودتك أزهارا وأطفال ..

آه .. تذوي الغصون فما يداك الغصونْ

ويجفو المطر بلادي فليس عطاؤك المطرْ ..

أنت الوطن المعرّش أبدا .

وأنت الأم المنشورة الجناحين أبدا ..

الخالدة .. أبدا

ولذلك لا انفك أفديك …

أنا الموجعة ‘ اللائبة العينين بانتظارك ..

وحيدة أتحسس وجهك إلى جانبي

أتحسس عينيك في وجع قلبي

أتحسس هذا الحزن المخضرم فيّ سنابل فرحْ ..

**

….. أرأيت قناديل الجامع النوريّ ليلة العيدْ ..

وشموع الحدباء تنثال أنواراً راقصة على وساد الموصلْ …

وحلم الأطفال بالسكر والدمى ..

أرأيت وحول الشتاء أخوضها ليلا أخاف عيونهم

تمزق حرير ثوبي .. ؟

أتحسستَ فرحك بميلاد القصيدة ..

كل ذلك أعيشه وأنت معي ..

…………

أقولُ لك .. لاتجرّحني بجداول حنانكَ المنساب هذا ..

لاتمزقني بسياط هجرك ذاك ..

وارحمني من وهج عينيك المقتلع جذور قلبي ..

أقول لك دبّرني ..

الظمأ لا أطيقه ..

المطر لا أطيقه

وعيناك نار تكويني ..

أقول لك ، آه ما أقول ؟

أحبك …

وتشبّ حرائق البنفسج في قلبي

احبك وتنهمر ضفائري ..

احبك وتهجر جذوعها الأغصانْ . !

* *    

آه شريدة أنا احمل كل مفاتيح الحزن في قلبي

أنذبحُ بكل سكاكين الأمل في قلبك

أتمناك  أغمضُ عينيّ فأراك هابطا من العلياء ِ

تحملني بجناحيك إلى الجنةْ ..

حيث تسقط كفيَ الباردةُ بين كفيكْ ..

وهناك تضمني إلى الأبدْ ..

أيها الرجل الذي قتلني ..

سعيدة ٌأنا بموتي ..

سعيدةٌ ببعثي

سعيدة أنا بك ..

وسيان ألان وصلك والهجر

فاعذرني أو لا تعذرني ..

يوماً ما .. طويتَ السماء والأرضْ ،

وسلمتهما لعيني رسالة حبْ

ثم عدت فانتزعت الأرض والسماءْ ..

أيها الوطنُ الذي لعينيه اكتب وأتعذبُ واصلي …

أنا الغجرية الساقطة في قعر عوالم الحضرْ

المخنوقة بأكفان مدينة غاربةْ ..

انا المهجوّة بك وفيك من عكاظ للآنْ .

أمضغُ شظايا الزجاج المتطاير من دعوى سلامك ..

برضىً أبتلع سكاكينك والدمْ ..

وأخفض لسمائك جناح الألم ..

أقول لعينيك .. أخافك

أقول بكل أجنحة اللهفة .. أريدكْ .

أوسّدُ راسي المتعبَ صدركَ والحلمْ..

أزيّن بأوسمة عينيك شعري ..

أخبئك بين هدبيَ والهدبْ .

أتنقلُ في مدن قلبي الصاحية بحبكْ ..

المطيرة بحبكْ ..

أتجولُ في سوح سماء خضراءَ

أمطرُ أمطرْ…

أقولُ لعينيك … ألف مرة :

لا أحبكْ ..

بكل هذا الحب .. لا أحبكْ ..

بكل هذا الحزن هذا اليأس ِ ، هذا الحزن ِ،

هذا الأملْ ..

 لا أحبكْ !

ويحدّق وجهك المنغرس فيّ خناجرَ لهبْ ..

يحدقْ ..

آه يبتسم يتناول بكفيه وجهي ..

وارفضْ ..

أرفضُ ضمادك أيها المجرحني برمح ذي حدينْ .

ارفض حرير كفك أيها الزارع في بيادر شوكْ ..

أرفضكَ تجتثني من السكينة لتقذفني في الطوفانْ ..

أنا الحاملة أوزار دولتك المنهارة دون أن تسلم

الراية بعدْ ..

أنا الحاملة عينيك شارة انتصار ادخل بها

كل المدن المسبيةْ ..

واكفر بالهزيمة .. اكفرْ

لأنك معي ..

وبك في الختام أرسو

اقذف العالم كرة صغيرة لأجيء إليك ..

أمزق جلابيب الغيوم تحجب قنديل وجهك عني ..

وأظل ألوب بكْ ..

لا أشبع من سعف النخيلْ ..

لا اشبع منكْ …

أيها العالم الأبديُّ القسوة والحب والفرحْ …

أجئُ إليك وتسقطْ

تسقط أقنعةُ الاعترافْ

 

أضف تعليق